الشيخ المكاشفى رضى الله عنه



ولد رضي الله عنه في قرية شنبلي من نواحي سنار من الديار السودانية قبل فجر يوم الأربعاء الرابع من شهر رجب 1867 ر ـ 1284 هـ . وقد بشر به قبل ولادته عدد كبير من الأولياء منهم الشيخ إبراهيم الكباشي والشيخ التوم ود بانقا والشيخ حمد النيل العركي وغيرهم.

حفظ القرءان على يد أخيه الشيخ أحمد المكاشفي، ثم اشتغل في تحصيل العلوم الشرعية فأخذ عن جملة من علماء السودان منهم الشيخ قسم، والشيخ إبراهيم وغيرهما حتى برع فشهد بعلمه الداني والقاصي.

ثم سلك بعد تمكنه في العلوم الشرعية على يد الشيخ عبد الباقي (أبو الشول) أحد خلفاء الشيخ عبد الباقي النيل، ثم اجتهد بالعبادة والمجاهدات والتعليم والإفادة فكان رضي الله عنه وقته عامرًا بذكر وطاعة ودرس وتعليم وغير ذلك من الطاعات حتى فتح الله عليه فصار يلقن الأذكار ويسلك المريدين ويربي السالكين ويجيز في جميع طرق السادة الصوفية.

وقد تنقل للدعوة والإرشاد في أنحاء السودان فسكن أولاً القديم ثم انتقل إلى قرية ود أب ءامنة ثم البراقنة وفي قرية الشكنيبية قرب مدينة المناقل واستقر بها إلى وفاته، وهي تبعد عن الخرطوم ما يقارب الثلاثمائة كيلو متر.
قال الجنيد إمام الصوفية رضي الله عنه: " علمنا هذا مشيد بالكتاب والسنة "

وقال الإمام أحمد الرفاعي رضي الله عنه: " التوحيد وجدان عظيم في القلب يمنع من التعطيل والتشبيه، وكل طريقة خالفت الشرع فهي زندقة "، وقال: " الصوفي هو الفقيه العامل بعلمه " هذه هي عقيدة الصوفية الصادقين وهذا هو مشربهم، وقد كان الشيخ المكاشفي على هذا المنهل والمشرب لم يخرج عنه.

وقد كان للشيخ المكاشفي اعتناء بسائر العلوم الشرعية إلا أنه أولى علم التوحيد اهتمامًا بالغًا فاشتغل به تدريسًا وتأليفًا ونظمًا، وقد ترك عددًا من المؤلفات تدل على ما قدمنا.

كان الشيخ المكاشفي زاهدًا عابدًا منقطعًا عن الدنيا مقبلاً على الآخرة، يمشي في قضاء حوائج الناس، وينفق على الفقراء، ويعطف على المساكين، ويتواضع مع المسلمين، ويواكب طلابه كأنه واحد منهم، دائم البشر في وجوه المسلمين، لين الجانب، جميل النعوت، يجل الكبير، ويرحم الصغير، حركاته أدب.

ويؤكد هذا منزله وهو غرفتان من لبن، في الغرفة الأولى سرير صغير فراشه من خيطان أمامه سجادة للصلاة من قش، والغرفة الثانية فيها سجادة للصلاة من قش فقط.

وعلى باب المنزل جذع شجرة صغير كان يقف عليه الطير ويأتي إليه البهائم فيتكلم معهم بإذن الله، ثم خلف المنزل توجد حفرة صغيرة كان الشيخ يقضي فيها حاجته ويغتسل، وكانوا يأتون في الصباح لتنظيف الحفرة كي لا تخرج منها الرائحة أو البعوض فيؤذي الشيخ فلا يجدون شيئًا، أما تركة الشيخ فهي مظلة وقلنسوة وسروال ونعل وقميص ليس فيه جيب.

وفي وسط القرية ساحة متسعة الأطراف كان يجلس الشيخ المكاشفي في ناحية منها على الرمل في الظهيرة لقضاء حوائج الناس وكان الأغنياء يضعون في حجره المال فلا يلتفت إليه بل كان يوزعه فورًا ولما ينتهي ينفض ثوبه فيقع المال على التراب فيأتي الفقراء ويأخذونه.

أما كرامات الشيخ فكثيرة جدًا منها أنه كان رضي الله عنه يخاطب الوافدين عليه من سائر البلاد كل على حسب لهجته قبل أن يبدأ الوافد بالكلام، أيضًا فإن الله عز وجل ءاتاه منطق الطير وسائر البهائم، ولو أردنا حصر كراماته لضاق المقال عنها ويكفي دليلاً على كراماته استقامته على المنهج القويم طول حياته.

وفي طرف الساحة حفرة عميقة وواسعة تسمى الحفير وقد حفرها الشيخ المكاشفي بيده مع خواص مريديه وطلابه بغرض أن يجمع ماء المطر فيها للري والشرب والطهارة وللبهائم، وعلى طرف الحفرة شجرة من النيم متدلية فوق الحفير تقطر من أوراقها في أحد أيام السنة عسلاً يشرب الناس منه إلى يومنا هذا، وقد حققت الصحافة بهذا الأمر فوجدته صحيحًا ونشر الخبر في بعض الجرائد السودانية.

توفي الشيخ العارف بالله عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه في قرية الشكينيبة يوم العاشر من ذي الحجة سنة 1960ر ـ 1380 هـ عن سبع وتسعين سنة تقريبًا أمضاها في الطاعة والإرشاد والتعليم رضي الله عنه ونفعنا به

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الخليفه الشيخ الفاتح

اوراد واذكار الطريقه القادريه المكاشفيه

للشيخ المكاشفي كرامات ومكرمات يضيق بها كل مكان