النصيحة الثالثة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأواه، وعلى آله وصحبه وجميع من والاه.
أما بعد:
فيا أيها الأخوان المشايخ والمقاديم والمريدين، أحبابي بعد السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته لديكم أوصيكم بتقوى الله تعالى، فأنها باب السعادة ومفتاح الوصول إلى الله عز وجل، وهي أن تفعلوا ما أمر، وتجتنبوا ما نهى عنه، أما الذي أمركم به فالقيام بالصلوات الخمس في أوقاتها بشروطها وآدابها، ودفع الزكاة للفقراء والمساكين، وهي قرينة الصلاة، ومن لم يعط الزكاة لن تقبل صلاته، وهي في المواشي والنقود بمرور الحول، وفي سائر الحبوب بالحصاد، والتوجه للحج للمستطيع القادر، وكذلك صيام شهر رمضان. هذا ما أمر الله به، أما ما نهى عنه فترك الصلاة ومنع الزكاة وشرب الخمر والربا وقذف الحرة وإيذاء المسلمين باللسان وغير ذلك. هذا ما أوصيكم به، فبتقوى الله فاز من فاز، وبتركها هلك من هلك، ولكم عبرة وموعظة بما جرى في الأمم الماضية والقرون الخالية، وكل ذلك مذكور في القرآن العظيم، ثم أوصيكم أحبابي بالأدب ظاهراً وباطناً مع الله وأوليائه وعامة الناس، بالتخلق بأخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم، وللمريدين آداب خاصة بالطريق، من لم يقم بها لم ينل شيئاً، كالقيام بحق الشيخ وحق الذكر وحق الأخوان وحق العامة، فأما حق الشيخ فطاعته في جميع ما أمر، وترك كل ما نهى عنه، ظاهراً وباطناً في الغيبة والحضور، امتثالا لأمر الله تعالى، لأن الشيخ خليفة الله ورسوله في الأرض، ومنهما يتلقى عنهما ما شاء الله، وإن كنتم لا تدرون، فعليكم بحب الشيخ حباً خالصاً، لأن حب الشيخ هو الطريق لوصول المدد إلى قلب المريد، لإجلاله وتوقيره على وجه الكمال. أما القيام بحق الذكر فالطهارة الحسية والمعنوية، من الحدث والخبث والرياء والغيبة وسائر العلل القادمة، وينبغي أن يكون الذكر حبا في الله لا لغرض من الأغراض الدنيوية أو الأخروية، وعلى الذاكر أن يلاحظ صورة الشيخ لأنها تطرد الشيطان الرجيم، وعليه أيضاً أن يتدبر معنى الذكر في ذهنه فمعني لا إله إلا الله لا معبود بحق إلا الله، وأما القيام بحق الأخوان فالمحبة والمباسطة وحسن اللقاء والبشاشة والإيثار بكل شيء، وحفظ مقام كل واحد بما منحه الله تعالى، وفي حالة البعد عنكم بإرسال الجوابات بالسلام والدعاء بظهر الغيب، فإنه مستجاب كما في الحديث، وعليكم بنشر فضائل إخوانكم، وستر عيوبهم، وكذلك التهادي فإنه الهدية تغرس الود في الصدور، والتعاون على أسباب العبادة ووجوه الذكر مثل السبحة والإبريق، أما القيام بحق العامة فإفشاء السلام وبذل الطعام والنصيحة والشفقة وكف الأذى وعدم التكبر وأسباب البغض والشحناء، قال سيدي عبد القادر الجيلاني قدس الله ثراه: ما نلت هذا المقام بصيام أو قيام، ولكن نلته بالكرم والتواضع وسلامة الصدر واحتمال الأذى. وقال أيضاً أعاد الله علينا من بركاته: من وقر كبير المسلمين ورحم صغيرهم يرافقني في الجنة. وفقنا الله والجميع للطاعات وعصمنا من المخالفات، وعاملنا بحلمه وكرمه، إنه سميع الدعوات، آمين.
والدكم: عبد الباقي عمر أحمد المكاشفي
_________________
تعليقات
إرسال تعليق