النصيحة الرابعة
بسم الله الرحمن الرحيم

صورة لسيدي المكاشفي مع بعض أبنائه وخلفائه
{يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته} و{اتقوا الله ما استطعتم} ومن قول الحديث: من يتكفل لي ما بين لحييه ورجليه أتكفل له بالجنة، والسنة شاهدها لا يخفى عليكم، ثم أوصيكم بصيام شهر رمضان، وإياكم والرخص والتي هي من تبعها رخص، وأوصيكم بزكاة الفطر خمسة أرطال وثلث قبل الصلاة، وأوصيكم بالزكاة لأن الصلاة لا تقبل إلا بعد الزكاة، وقد يضرب بها وجه صاحبها كالثوب الخرق يوم القيامة، وقد جاء النص في القرآن الكريم: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة}، الحديث: "ما من أحد ملك غنماً أو بقراً أو إبلاً ولم يزكها إلا جاءت يوم القيام أقوى منها في دار الدنيا لها قرون تنطحه بقرونها وتدوسه بأظافرها وهو يستغيث ولا يغاث ثم تصير سباعاً وذئاباً تعاقبه فـي النار، وأعلموا أن مـانع الزكاة لا يقبـل الله منـه صرفاً ولا عدلاً ولا حجاً ولا صدقة ولا مواصلة رحم، وهو مطرود من رحمة الله سبحانه وتعالى، ومانع زكاة الغنم يحمل يوم القيامة شاه ولها رغاء كالرعد، وثقلها يعدل الجبل العظيم، ويخوض العرق حتى يدخل نار جهنم، ومانع زكاة البقر يجعل الله بقرونها نارا، فتنطحه بقرونها وتدوسه بأظافرها فيندم ولا يفيد الندم، ويقول يا ليتني لم يكن عندي بقراً، ومانع زكاة الإبل يجعل الله لها قرون فتنطحه، وتطأه باخفافها حتى تلصقه على الأرض، ويقول يا ليتني لم أك بشرا، ومانعو زكاة الذهب والفضة تكوي بها جباههم وجنوبهم وظهورهم ويطوقون بها في رقابهم بها نار، وأوصيكم بالجار واليتيم ومواصلة الأرحام، لأن الرحـم ينطق يوم القيامة بلسان فصيح ويقول: إن فلان قطعني فأدخله في النار، وفلانا وصلني فأدخلـه الجنة. وأوصيكـم بتارك الصلاة لا تأكلـوا معه لينا ولا يابسا ولا تزوجوه ولا تقضوا حاجته لأنه أبعد ما يكون من رحمة الله تعالى، وقال تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}، وقد حلف الله بعزته وجلاله أن شارب الخمر إن لم يتب منها، لأسقينه من طينة الخبال، وهي عصارة أهل النار من القيح والصديد، وإن تاب منها حلف الله أن يسقيه من حظيرة القدس، قيل وما حظيرة القدس؟ قـال: أعلى الجنة. وأوصيكم ببر الوالدين فإنه مـن أعظم القربات: {وقضي ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا}، وأعلموا أن بين البار لوالديه وبين الأنبياء في الجنة درجة واحدة، وبين العاق لوالديه وبين إبليس في النار درجة واحدة، لأن حقهما واجب شرعا، ومن لم يرضهما لم تنفعه صلاته وصيامه وحجه وعمرته ولا صدقته ولا جهاده حتى يرضيهما، وأوصيكم بأولادكم ونسائكم وأمروهن بالصلاة والصيام والذكر وقيام الليل ونوافل الخير، وأحذركم من الغيبة والنميمة والكذب وشهادة الزور وقذف المحصنات ومجالس السوء والضلال، فإن الطبع يسرق الطبع والعبد لا يدري. وأحذركم من مجالس السوء لأنها كالكير إن لم يحرقك بناره علق فيك رائحته. وأوصيكم بالاستغفار في الأسحار، وزيارة الصالحين والأخوان في الله وعيادة المريض وتشييع الجنائز وإكـرام مداح خير الأنام بالاحترام والفـراش والطعام والهـدية علـى حسـب ما استطعتم، وتفقدوا فـي الليل والنهار ضعفاءكم، والراحمون يرحمهم الرحمن، أرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، وأوصيكم بالشفقة على الخلق، فإن من بات شبعان وجاره جائع فإنه أكبر محنة، وأوصيكم أخر المجالس بـ: (سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، عملت سوءا وظلمت نفسي، فأغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت). وأوصيكم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في مجالسكم، وقد ورد: ما من مجلس يصلى فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، إلا خرجت منه رائحة طيبة، تبلغ عنان السماء فيقولون هذا مجلس صلى فيه على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وما من مجلس لا يصلى فيه على النبي صلى الله عليه وسلم إلا تفرقوا عن أنتن من جيفة حمار. هذه وصيتي لكم أحبابي، وقد أنصحكم وليس بعد الإنذار مـن ملام، وإني لمسئول عنكم غدا بين يدي الله تعالى، فأقول: يا إلهي وسيدي قد أعلمتهم ونصحتهم، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وبالله التوفيق.
والدكم: عبد الباقي المكاشفي
_________________
تعليقات
إرسال تعليق